كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أصل الصليب:
نأتي لقضية الصليب الأصل أن عيسى بعث لبني إسرائيل مثل موسى عليهما السلام. وقد قلنا في التأملات في سورة آل عمران أن بني إسرائيل يعودون إلى إسرائيل الذي هو يعقوب؛ وقلنا أن يعقوب له أخ اسمه العيس وقلنا إن من ذرية العيس الروم. وأن هذا العيس كان فيه صفرة ولذلك يسمون ببنوا الأصفر. فأبو سفيان لما رأى هرقل يخشى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أصبح ملك محمد عظيما فقد خافه بنوا الأصفر».
فأصبح الروم الأصل ليس لهم علاقة بعيسى عليه الصلاة والسلام، إذن الآن الدين النصراني في بني إسرائيل أكثر أم في الروم؟ في الروم في أوربا أكثر وكذلك في أمريكا فالنصرانية أكثر من اليهود. وهذا جاء بعد ثلاث قرون من رفع عيسى عليه الصلاة والسلام حدثت حروب مابين الرومان وأشياعهم؛ فآمن ثلة من الرومان بعيسى عليه الصلاة السلام أي بالنصارى بما بقي من دين عيسى عليه الصلاة والسلام من المؤمنين الذين معه. وكانت اليهود كما قلنا تزعم أنها قتلته ويأتون للموطن والذي قلت لكم أن اسمه الآن كنيسة يوم القيامة فيأتون لهذا الموطن الذي قتلوا فيه عيسى عليه الصلاة والسلام فيرمون فيه القاذورات والقمامة حتى تجمعت. فجاء قسطنطين الثالث فآمن بدين عيسى عليه الصلاة السلام مع التحريف. فجاءت أمه واسمها هيلانه بعد أن جاء رجل يبحث في تلك القمامات حتى وصل إلى الصليب أي وصل إلى الخشبة التي صلب فيها من يعتقد اليهود أنه عيسى. فالصلب وقع لكنه ما وقع على عيسى. ولكن اليهود صلبوا رجلا وقتلوه على هذه الخشبة. ولما أخذوا يفتشون هذا الرجل وجد تلك الخشبة وعليها حركة الصليب المعروفة الآن. وحصل هذا بعد عيسى بثلاث قرون.
ولما أخذ هذا الرجل هذا الصليب زعم أنه كان مريض فلما تمسح بها برئ. فلما علم الناس بذلك أخذوا يصنعون الصليب ويتبركون به ويعتقدون به إلى يومنا هذا. وهذا أصل فكرة خروج الصليب للناس.
ولما علمت تلك المرأة هيلانه بهذا أمرت بمحو القاذورات وما كان موضوعا، وبنت عليها كنيسة أسمتها كنيسة القيامة.
ومعنى كنيسة القيامة هو: أنهم يعتقدون جهلا أن عيسى بما أنه مات فإنه سيبعث من هذه الكنيسة. وهي موجودة في بيت المقدس. وإن لم أنس السادات- رئيس مصر المتوفى- لما زار إسرائيل، تكلم أو ألقى خطاب في هذه الكنيسة المقصود سواء ألقاها أو لم يلقيها أن هذه الكنيسة قائمة وتعظم إلى اليوم.
وهذا سبب تسميتها بكنيسة القيامة وأحيانا تسمى بكنيسة القمامة بالنسبة لما كان عليها.
هذه المرأة لما أمرت بإزالة هذه النفايات وضعوها على الصخرة التي تعظمها اليهود. وكان يصلي إليها موسى عليه الصلاة السلام وقلنا في الدرس الماضي أن هذه الصخرة من الذين محو القاذورات عنها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكنه صلى أمامها وجعلها خلفه. فأصبح بيت المقدس يضم الكنيسة التي يعظمها النصارى؛ ويضم الصخرة التي تعظمها اليهود ويضم المسجد الأقصى الذي يعظمه المسلمون.
وهذا مجمل ما يمكن أن يقال عن عقيدة النصارى والتي ذكرنا أنها قائمة على سر التعميد والإيمان بأن الله كفر عن البشر خطاياهم ببعث ابنه تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والآن نعود للآية الله جل وعلا يقول: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما}.
{عزيزا} أن يقتل نبي من أنبيائه وهو جل وعلا غير مريد.
{حكيما} بسبب رفعه لعيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء الثانية. والمحفوظ عندنا في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وفي ظاهر القرآن أن عيسى عليه الصلاة والسلام سينزل في آخر الزمان واضع يديه على أجنحتي ملك يخرج منه مثل بقايا الوضوء؛ ويقتل الدجال بحربة تكون معه قال الله عز وجل: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} [الزخرف: 61].
قال الله جل وعلا بعدها: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا (159)} سورة النساء.
هذه الآية إحدى معضلات القرآن لأن تفسيرها غير واضح.
هذه الآية تحتمل عدة تفاسير لكن نكون معكم صريحين هذا درس علمي إلى الآن لم أقف على تفسير مقنع.
لكن نقول جملة ما قاله أهل العلم:
الله جل وعلا يقول: {وإن من أهل الكتاب}. المعنى لا أحد من أهل الكتاب، {إلا ليؤمنن به قبل موته} الآن يوجد ضميرين الهاء في {به} والهاء في {موته} على من تعود؟ هذا موضع الإشكال.
تحتمل الآية أن يكون معنى الآية أن الله يقول: ما من أحد من أهل الكتاب ألا يؤمن به أي بعيسى قبل موته أي قبل موت الكتابي. فيصبح الضمير في (به) عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام والثانية عائده على الكتابي. فيصبح معنى الآية أن ما من يهودي ولا نصراني تغرغر روحه إلا وهو مؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله لكنه لأنه يؤمن في ساعة الاحتضار فلا يقبل منه. وهذا مروي عن ابن عباس وقاله به كثير من العلماء، لكن يصعب تصوره وهذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: قالوا أنه ليس من أحد من أهل الكتاب ألا ويؤمن بعيسى قبل موت عيسى أي ينزل مرة أخرى فيؤمنون به. لكن يأتي الإشكال أن الله قال: {وإن من أهل الكتاب} أي لا أحد من أهل الكتاب وقد مات جمع غفير من أهل الكتاب قبل أن يرى عيسى عليه الصلاة والسلام وقد نموت نحن قبل أن ينزل عيسى. وهذا هو الإشكال على التفسير الثاني.
الأمر الثالث: يبقى تفسير آخر ولعله يكون أقربها إلى الصواب يصبح معنى الآية إنه ما من كتابي يحضر ويبقى حيا إلى يوم عيسى إلا ويؤمن به وهذا تحدث إشكالية أخرى وهي أن اليهود من أهل الكتاب ولا يؤمنون بعيسى حتى بعد نزوله.
فيبقى تفسير الآية إلى يومنا هذا في علمنا غير واضح. إنما نقلنا ما ذكره أهل التفسير فإذا أوقفنا الله على شيء آخر سنخبركم به في حيينه.
{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا (160) وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما (161) لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما (162)} سورة النساء.
الكلام في هذه الآيات بوجوه عدة:
أولها: أن المعاصي من أعظم أسباب الحرمان ولذلك الله جل وعلا قال: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم}.
فإذا كانت المعاصي من أعظم أسباب الحرمان فما أعظم أسباب العطاء؟
الطاعات إذا كانت المعاصي من أعظم أسباب الحرمان فإن الطاعات من أعظم أسباب العطاء قال الله جل وعلا: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} [الطلاق: 3]. فالله يخبر أن ما حل على اليهود من تحريم كثير من الطيبات إنما كان بسبب معاصيهم.
{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل}.
كذلك الآية تتكلم عن بعض من مظالم اليهود. ومنها الصد عن سبيل الله ومنها أكل أموال الناس بالباطل ومنها أكل الربا.
قول الله جل وعلا: {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل} من الناحية العلمية هذا عطف عام على خاص. لأن أكل أموال الناس بالباطل يدخل فيه الربا.
نتكلم الآن عن الربا:
الربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
ومن الفوائد أن يقال إن هناك معصيتين حرمها الله على جميع الأمم ولم يبحها الله في أي شريعة قط، هما الربا والزنا. وهذا قول بعض أهل العلم.
والربا ينقسم إلى ثلاث أقسام وهي:
ربا الفضل وربا النسيئة وربا القرض.
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم الأصناف الربوية فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، سواء بسواء يدا بيد. فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد». معنى الحديث: أن هذه أصناف ربوية ما بين مكيل وموزون إن كان مطعوما يدخلها الربا.
القسم الأول: ربا الفضل:
الفضل في اللغة: الزيادة.
سنأتي بصورة له حتى تفهمه:
إنسان يأتي مثلا بالتمر والتمر كما ذكرنا صنف ربوي والتمر في بلادنا موزون، يباع بالوزن بالكيلو. فلو جاء إنسان ومعه 3 كيلو من التمر، وآخر معه أربعة كيلو من التمر.
وهذان الصنفان ربويان فالتمر صنف ربوي كما ذكرنا ونقصد به أنه يدخله الربا وليس لأنه صنف ربوي يعني أنه محرم.
والأربعة زيادة على الثلاثة. فلا يصح التبادل ولو كان أحدهما أفضل من الآخر. كأن يكون هذا تمر عجوة أو أعلى منه أو اقل. أو نقول هذا برني- أسماء أنواع للتمور- أو هذا رديء وهذا جيد فأعطيني أربع كيلو بثلاث كيلو أو كيلوين بخمس كيلو. فهذا لا يجوز، وإذا وقع فهو ربا فضل.
ما معنى ربا فضل؟
أي زيادة. لأنهما اتفقا في الصنف واختلفا في الزيادة. وهذا هو معنى ربا الفضل وهو محرم.
القسم الثاني: ربا النسيئة:
النسيئة تعني التأجيل والتأخير. قال الله جل وعلا في سورة التوبة: {إنما النسيء زيادة في الكفر} أي التأجيل زيادة بالكفر.
كيف يقع ربا النسيئة؟
تأتي بصنف ربوي واحد وبصنف ربوي آخر. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم» لكنه قال: «يدا بيد». هم يلغون «يدا بيد» فيؤخر واحد عن الآخر.
مثال:
الآن 375 ريال سعودي تساوي 100 دولار أمريكي، الدولار يعتبر صنف، والريال يعتبر صنف. فلو قايضتهما بعضهما ببعض الـ100 دولار ليست مثل الـ375، فـ 375 أكثر من الـ100.حتى لو أخذتها بـ500، أو لو أخذتها بـ 200، أي لو كان واحد زائد والآخر ناقص أي أقل منه فإنه لا يضر. لأن الصنفين مختلفين فالدولار غير الريال ولكنها كلاهما صنف ربوي لأنها ذهب وفضه.
كيف يدخل الصورة السابقة ربا النسيئة؟
الجواب أنه لو أتى للصراف فقال: أنا أعطيك 500 ريال سعودي بس أنا أبغى أسافر أعطيني 100دولار أمريكي فيعطيك 100 دولار ولا تعطيه الـ 500. تقول الـ 500 بعدين، أنا ما عندي الآن. فأنت تأخرت! فيكون هذا ربا النسيئة. أو هو لا يعطيك وأنت تعطيه. أي أحدكما يدفع والآخر لا يدفع. فهذا ربا النسيئة وهو محرم، لكن إذا أخذ منك 100 وأعطاك 500 أو 375 أو قدرها أو أعلى أو أو، حيثما اتفقتم بالحال يدا بيد فهذا ليس ربا. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد». يعني كله ناجز ولا يباع ناجز بغائب.